سانسور سخن خلیفه دوم در روایت صحیح بخاری

ساخت وبلاگ

2731 - حَدَّثَنِی عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِی الزُّهْرِیُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِی عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَیْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ، یُصَدِّقُ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِیثَ صَاحِبِهِ، قَالَا:

خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَیْبِیَةِ حَتَّى إِذَا کَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِیقِ، قَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الوَلِیدِ بِالْغَمِیمِ فِی خَیْلٍ لِقُرَیْشٍ طَلِیعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ الیَمِینِ» فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الجَیْشِ، فَانْطَلَقَ یَرْکُضُ نَذِیرًا لِقُرَیْشٍ، وَسَارَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا کَانَ بِالثَّنِیَّةِ الَّتِی یُهْبَطُ عَلَیْهِمْ مِنْهَا بَرَکَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا: خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «مَا خَلَأَتْ القَصْوَاءُ، وَمَا ذَاکَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَکِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِیلِ»، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ، لَا یَسْأَلُونِی خُطَّةً یُعَظِّمُونَ فِیهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَیْتُهُمْ إِیَّاهَا»، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الحُدَیْبِیَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِیلِ المَاءِ، یَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ یُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ وَشُکِیَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ العَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ کِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ یَجْعَلُوهُ فِیهِ، فَوَاللَّهِ مَا زَالَ یَجِیشُ لَهُمْ بِالرِّیِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَیْنَمَا هُمْ کَذَلِکَ إِذْ جَاءَ بُدَیْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الخُزَاعِیُّ فِی نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَکَانُوا عَیْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ: إِنِّی تَرَکْتُ کَعْبَ بْنَ لُؤَیٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَیٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِیَاهِ الحُدَیْبِیَةِ، وَمَعَهُمُ العُوذُ المَطَافِیلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوکَ وَصَادُّوکَ عَنِ البَیْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَکِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِینَ، وَإِنَّ قُرَیْشًا قَدْ نَهِکَتْهُمُ الحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَیُخَلُّوا بَیْنِی وَبَیْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ: فَإِنْ شَاءُوا أَنْ یَدْخُلُوا فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِی هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِی، وَلَیُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ "، فَقَالَ بُدَیْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَیْشًا، قَالَ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاکُمْ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ یَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَیْکُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُخْبِرَنَا عَنْهُ بِشَیْءٍ، وَقَالَ ذَوُو الرَّأْیِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ یَقُولُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ یَقُولُ کَذَا وَکَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَیْ قَوْمِ، أَلَسْتُمْ بِالوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَوَلَسْتُ بِالوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِی؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّی اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُکَاظَ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَیَّ جِئْتُکُمْ بِأَهْلِی وَوَلَدِی وَمَنْ أَطَاعَنِی؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ لَکُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، اقْبَلُوهَا وَدَعُونِی آتِیهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ، فَجَعَلَ یُکَلِّمُ النَّبِیَّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَیْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِکَ: أَیْ مُحَمَّدُ أَرَأَیْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ أَمْرَ قَوْمِکَ، هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ العَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَکَ، وَإِنْ تَکُنِ الأُخْرَى، فَإِنِّی وَاللَّهِ لَأَرَى وُجُوهًا، وَإِنِّی لَأَرَى أَوْشَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِیقًا أَنْ یَفِرُّوا وَیَدَعُوکَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَکْرٍ الصِّدِّیقُ: امْصُصْ بِبَظْرِ اللَّاتِ، أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بَکْرٍ، قَالَ: أَمَا وَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ، لَوْلَا یَدٌ کَانَتْ لَکَ عِنْدِی لَمْ أَجْزِکَ بِهَا لَأَجَبْتُکَ، قَالَ: وَجَعَلَ یُکَلِّمُ النَّبِیَّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، فَکُلَّمَا تَکَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْیَتِهِ، وَالمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ السَّیْفُ وَعَلَیْهِ المِغْفَرُ، فَکُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِیَدِهِ إِلَى لِحْیَةِ النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ یَدَهُ بِنَعْلِ السَّیْفِ، وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ یَدَکَ عَنْ لِحْیَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَیْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِی غَدْرَتِکَ؟ وَکَانَ المُغِیرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِی الجَاهِلِیَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا الإِسْلَامَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِی شَیْءٍ»، ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ یَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ بِعَیْنَیْهِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِی کَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَکَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ کَادُوا یَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَکَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا یُحِدُّونَ إِلَیْهِ النَّظَرَ تَعْظِیمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَیْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوکِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَیْصَرَ، وَکِسْرَى، وَالنَّجَاشِیِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَیْتُ مَلِکًا قَطُّ یُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا یُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِی کَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَکَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ کَادُوا یَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَکَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا یُحِدُّونَ إِلَیْهِ النَّظَرَ تَعْظِیمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَیْکُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِی کِنَانَةَ: دَعُونِی آتِیهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا فُلَانٌ، وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ یُعَظِّمُونَ البُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ» فَبُعِثَتْ لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ یُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِکَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا یَنْبَغِی لِهَؤُلَاءِ أَنْ یُصَدُّوا عَنِ البَیْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: رَأَیْتُ البُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ یُصَدُّوا عَنِ البَیْتِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ یُقَالُ لَهُ مِکْرَزُ بْنُ حَفْصٍ، فَقَالَ: دَعُونِی آتِیهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَیْهِمْ، قَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِکْرَزٌ، وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ»، فَجَعَلَ یُکَلِّمُ النَّبِیَّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، فَبَیْنَمَا هُوَ یُکَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو،

قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِی أَیُّوبُ، عَنْ عِکْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ سَهُلَ لَکُمْ مِنْ أَمْرِکُمْ»

قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِیُّ فِی حَدِیثِهِ: فَجَاءَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اکْتُبْ بَیْنَنَا وَبَیْنَکُمْ کِتَابًا فَدَعَا النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ الکَاتِبَ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ»، قَالَ سُهَیْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِی مَا هُوَ وَلَکِنِ اکْتُبْ بِاسْمِکَ اللَّهُمَّ کَمَا کُنْتَ تَکْتُبُ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: وَاللَّهِ لَا نکُتبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «اکْتُبْ بِاسْمِکَ اللَّهُمَّ» ثُمَّ قَالَ: «هَذَا مَا قَاضَى عَلَیْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ»، فَقَالَ سُهَیْلٌ: وَاللَّهِ لَوْ کُنَّا نَعْلَمُ أَنَّکَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاکَ عَنِ البَیْتِ، وَلَا قَاتَلْنَاکَ، وَلَکِنِ اکْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ إِنِّی لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ کَذَّبْتُمُونِی، اکْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» -

 

قَالَ الزُّهْرِیُّ: وَذَلِکَ لِقَوْلِهِ: «لَا یَسْأَلُونِی خُطَّةً یُعَظِّمُونَ فِیهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَیْتُهُمْ إِیَّاهَا» - فَقَالَ لَهُ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَیْنَنَا وَبَیْنَ البَیْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ»، فَقَالَ سُهَیْلٌ : وَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً، وَلَکِنْ ذَلِکَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَکَتَبَ، فَقَالَ سُهَیْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا یَأْتِیکَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ کَانَ عَلَى دِینِکَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَیْنَا، قَالَ المُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، کَیْفَ یُرَدُّ إِلَى المُشْرِکِینَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَیْنَمَا هُمْ کَذَلِکَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو یَرْسُفُ فِی قُیُودِهِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَکَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَیْنَ أَظْهُرِ المُسْلِمِینَ، فَقَالَ سُهَیْلٌ: هَذَا یَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِیکَ عَلَیْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَیَّ، فَقَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَقْضِ الکِتَابَ بَعْدُ»، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْکَ عَلَى شَیْءٍ أَبَدًا، قَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَجِزْهُ لِی»، قَالَ: مَا أَنَا بِمُجِیزِهِ لَکَ، قَالَ: «بَلَى فَافْعَلْ»، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِکْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَکَ، قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَیْ مَعْشَرَ المُسْلِمِینَ، أُرَدُّ إِلَى المُشْرِکِینَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِیتُ؟ وَکَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِیدًا فِی اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَیْتُ نَبِیَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: ‌أَلَسْتَ ‌نَبِیَّ ‌اللَّهِ ‌حَقًّا، قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِی الدَّنِیَّةَ فِی دِینِنَا إِذًا؟ قَالَ: «إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِیهِ، وَهُوَ نَاصِرِی»، قُلْتُ: أَوَلَیْسَ کُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِی البَیْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى، فَأَخْبَرْتُکَ أَنَّا نَأْتِیهِ العَامَ»، قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَإِنَّکَ آتِیهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ»، قَالَ: فَأَتَیْتُ أَبَا بَکْرٍ فَقُلْتُ: یَا أَبَا بَکْرٍ أَلَیْسَ هَذَا نَبِیَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِی الدَّنِیَّةَ فِی دِینِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَیُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ، وَلَیْسَ یَعْصِی رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِکْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ، قُلْتُ: أَلَیْسَ کَانَ یُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِی البَیْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَکَ أَنَّکَ تَأْتِیهِ العَامَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّکَ آتِیهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ،

 

قَالَ الزُّهْرِیُّ: قَالَ عُمَرُ -: فَعَمِلْتُ لِذَلِکَ أَعْمَالًا، قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِیَّةِ الکِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا»، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِکَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ یَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَکَرَ لَهَا مَا لَقِیَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: یَا نَبِیَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِکَ، اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُکَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ کَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَکَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَکَ فَیَحْلِقَکَ، فَخَرَجَ فَلَمْ یُکَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِکَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِکَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ یَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى کَادَ بَعْضُهُمْ یَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذَا جَاءَکُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] حَتَّى بَلَغَ بِعِصَمِ الکَوَافِرِ فَطَلَّقَ عُمَرُ یَوْمَئِذٍ امْرَأَتَیْنِ، کَانَتَا لَهُ فِی الشِّرْکِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِینَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِیرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِی طَلَبِهِ رَجُلَیْنِ، فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِی جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَیْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَیْفَةِ، فَنَزَلُوا یَأْکُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَیْنِ: وَاللَّهِ إِنِّی لَأَرَى سَیْفَکَ هَذَا یَا فُلَانُ جَیِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَیِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ: أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْهِ، فَأَمْکَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى المَدِینَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ یَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ حِینَ رَآهُ: «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا» فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِی وَإِنِّی لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِیرٍ فَقَالَ: یَا نَبِیَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَکَ، قَدْ رَدَدْتَنِی إِلَیْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِی اللَّهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: «وَیْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ کَانَ لَهُ أَحَدٌ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِکَ عَرَفَ أَنَّهُ سَیَرُدُّهُ إِلَیْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِیفَ البَحْرِ قَالَ: وَیَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَیْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِی بَصِیرٍ، فَجَعَلَ لَا یَخْرُجُ مِنْ قُرَیْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِی بَصِیرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا یَسْمَعُونَ بِعِیرٍ خَرَجَتْ لِقُرَیْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَیْشٌ إِلَى النَّبِیِّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ، لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِیُّ صَلَّى اللهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ إِلَیْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِی کَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَکَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَکُمْ عَلَیْهِمْ} [الفتح: 24] حَتَّى بَلَغَ {الحَمِیَّةَ حَمِیَّةَ الجَاهِلِیَّةِ} [الفتح: 26] وَکَانَتْ حَمِیَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ یُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِیُّ اللَّهِ، وَلَمْ یُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ، وَحَالُوا بَیْنَهُمْ وَبَیْنَ البَیْتِ.

«عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِی الزُّهْرِیُّ قَالَ: أَخْبَرَنِی عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَیْرِ، عَنِ الْمِسْوَر بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَکَمِ صَدَّقَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، قَالَا:

 

خَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله علیه وسلم - زَمَنَ الْحُدَیْبِیَةِ ...

حَتَّى إِذَا کَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِیقِ، قَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "إِنَّ خَالِدَ بْنَ ‌الْوَلیدِ ‌بِالْغَمِیمِ فِی خَیلٍ لِقُرَیْشٍ طَلِیعَةً فَخُذُوا ذَاتَ الْیَمِینِ"، فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ إِذَا هُوَ بِقَتَرَةِ الْجَیْشِ فَانْطَلَقَ، فَإِذَا هُوَ یَرْکُضُ نَذِیرًا لِقُرَیْشٍ، وَسَارَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم – حَتَّى إِذَا کَانُوا بِالثَّنِیَّةِ الَّتِی یُهْبَطُ عَلَیْهِمْ مِنْهَا بَرَکَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ، فَقَالُوا: خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ، خَلأَتْ، فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "مَا خَلأَتِ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاکَ لَهَا بخُلُقٍ، وَلَکِنَّهَا حَبَسَهَا حَابِسُ الفِیلِ"، ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَا یَسْأَلُونِی خُطَّة یُعَظِّمُونَ فِیهَا حُرُمَاتِ اللهِ، إِلَّا أَعْطَیْتُهُمْ إِیَّاهَا"، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ بِهِ، قَالَ: فَعَدَلَ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَیْبِیَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِیلِ الْمَاءِ إِنَّمَا یَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ یُلَبِّثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ، فَشُکِیَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله علیه وسلم - فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ کِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ یَجْعَلُوهُ فِیهِ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا زَالَ یَجِیشُ لَهُمْ بِالرِّیِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَیْنَا هُمْ کَذَلِکَ إِذْ جَاءَ بُدَیْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِیُّ فِی نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ وَکَانُوا عَیْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله علیه وسلم - مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ فَقَالَ: إِنِّی تَرَکْتُ کَعْبَ بْنَ لُؤَیٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَیٍّ أَعْدَادَ مِیَاهِ الْحُدَیْبِیَةِ مَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِیلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوکَ وَصادُّوکَ، عَنِ الْبَیْتِ، فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَکِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِینَ، وَإِنَّ قُرَیْشًا قَدْ نَهِکَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَیُخَلُّوا بَیْنِی وَبَیْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ، فَإِنْ شَاءُوا أَنْ یَدْخُلُوا فِیمَا دَخَلَ فِیهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِی هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِی أَوْ لَیُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ"، فَقَالَ بُدَیْلٌ: سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَیْشًا، فَقَالَ: إِنَّا جِئْنَاکُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ، یَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَیْکُمْ فَعَلْنَا، فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ: لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُحَدِّثَنَا عَنْهُ بِشَیْءٍ، وَقَالَ ذُو الرَّأْیِ مِنْهُمْ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ یَقُولُ قَالَ: سَمِعْتُهُ یَقُولُ کَذَا وَکَذَا، فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -، فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِیُّ، فَقَالَ: أَیْ قَوْمِی! أَلَسْتُمْ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَوَلَسْتُ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِی؟ قَالُوا: لَا ، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنی اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُکَاظٍ، فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَیَّ جِئْتُکُمْ بِأَهْلِی وَوَلَدِی، وَمَنْ أَطَاعَنِی؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ عَلَیْکُمْ خَصلَةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا، وَدَعُونِی آتِهِ، فَقَالُوا: فَأْتِهِ، فَأَتَاهُ، قَالَ: فَجَعَلَ یُکَلِّمُ النَّبِیَّ - صلى الله علیه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله علیه وسلم - نَحْوَا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَیْلٍ، فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِکَ: أَیْ مُحَمَّدُ! أَرَأَیْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَکَ، هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَصلَهُ قَبْلَکَ؟ وإِنْ تَکُنِ الْأُخْرَى فَإِنِّی لأَرَى وُجُوهًا، وَأَرَى أَشْوَابًا مِنَ النَّاسِ خَلِیقًا أَنْ یَفِرُّوا عَنْکَ، فَقَالَ أَبُو بَکْرٍ رحمهُ اللهُ وَرَضِیَ عَنْهُ: امْصصْ بَظْرَ اللَّاتِ، نَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالَ: "أَبُو بَکْرٍ"، قَالَ: أَمَا وَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ، لَوْلَا یَدٌ لَکَ عِنْدِی لَمْ أَخزِکَ بِهَا لأَجَبْتُکَ، قَالَ: وَجَعَلَ یُکَلِّمُ النَّبِیَّ - صلى الله علیه وسلم - فَکُلَّمَا کَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْیَتِهِ، وَالْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِیِّ - صلى الله علیه وسلم - ومَعَهُ السَّیْفُ، وَعَلَیْهِ الْمِغْفَرُ، فَکُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ یَدَهُ إِلَى لِحْیَةِ النَّبِیِّ - صلى الله علیه وسلم - ضَرَبَ یَدَهُ بِنَعْلِ السَّیْفِ، وَقَالَ: أَخِّرْ یَدَکَ عَنْ لِحْیَةِ رَسولِ اللهِ - صلى الله علیه وسلم -، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَیْ غُدَرُ أَوَلَسْتُ أَسْعَى فِی غَدْرَتِکَ، وَکَانَ الْمُغِیرَةُ بْنُ شُعْبَةَ صَحِبَ قَوْمَا فِی الْجَاهِلِیَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله علیه وسلم -: "أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فی شَیْءٍ"، ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ یَرْمُقُ صحَابَةَ النَّبِیِّ - صلى الله علیه وسلم - بِعَیْنَیْهِ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله علیه وسلم - نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِی یَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَکَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ کَادُوا یَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضوئِهِ، وإِذَا تَکَلَّمُوا خَفَضُوا أَصوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا یُحِدُّونَ إِلَیْهِ تَعْظِیمًا لَهُ، قَالَ: فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَیْ قَوْمِ! وَاللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوکِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَیْصَرَ وَکِسْرَى وَالنَّجَاشِیِّ، وَاللهِ إِنْ رَأَیْتُ مَلِکًا قَطُّ یُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا یُعَظِّمُ أَصحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله علیه وسلم - مُحَمَّدًا، وَاللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةَ إِلَّا وَقَعَتْ فِی کَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَکَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وإِذَا تَوَضَّأَ کَادُوا یَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وإِذَا تَکَلَّمُوا خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا یُحِدُّونَ إِلَیْهِ النَّظَرَ تَعْظِیمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَیْکُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ کِنَانَةَ: دَعُونِی آتِهِ، فَقَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِیِّ - صلى الله علیه وسلم - وَأَصْحَابِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله علیه وسلم -: "هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ یُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ"، فَبَعَثُوهَا لَهُ، وَاسْتَقْبَلَهُ الْقَوْمُ یُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِکَ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا یَنْبَغِی لِهَؤُلَاءِ أَنْ یُصَدُّوا عَنِ الْبَیْتِ، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: رَأَیْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ یُصَدُّوا عَنِ الْبَیْتِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ یُقَالُ لَهُ مِکْرَزُ بْنُ حَفْصٍ: دَعُونِی آتِهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَیْهِمْ، قَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "هَذَا مِکْرَزٌ، وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ"، فَجَعَلَ یُکَلِّمُ النَّبِیَّ - صلى الله علیه وسلم -، فَبَیْنَا هُوَ یُکَلِّمُهُ إِذْ جَاءَهُ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو.

وَقَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِی أَیُّوبُ، عَنْ عِکْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَیْلٌ، قَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "إِنَّهُ قَدْ سَهُلَ لَکُمْ مِنْ أَمْرِکُمْ".

 

قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِیُّ فِی حَدِیثِهِ: فَجَاءَ سُهَیْلُ بْنُ عَمْرٍو [فَقَالَ: هَاتِ اکْتُبْ بَیْنَنَا وَبَیْنَکُمْ کِتَابًا، فَدَعَا النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم - الْکَاتِبَ،] فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "اکتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ"، فَقَالَ سُهَیْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ، فَوَاللهِ مَا أَدْرِی مَا هُوَ؟ وَلَکِنِ اکْتُبْ بِاسْمِکَ اللَّهُمَّ، کَمَا کُنْتَ تَکْتُبُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاللهِ لَا یکْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ، فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "اکتُبْ بِاسْمِکَ اللَّهُمَّ"، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَیهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ"، فَقَالَ سُهَیْلٌ: وَاللهِ لَوْ کُنَّا نَعْلَمُ أَنَّکَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاکَ عَنِ الْبَیْتِ، وَلَا قَاتَلْنَاکَ، وَلَکِنِ اکْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "وَاللهِ إِنِّی لَرَسُولُ اللهِ، وَإِنْ کَذَّبْتُمُونِی، اکْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ".

قَالَ الزُّهْرِیُّ: وَذَلِکَ لِقَوْلِهِ: "لَا یَسْأَلُونِی خُطَّةً یُعَظِّمُونَ فِیهَا حُرْمَةَ اللهِ إِلَّا أَعْطَیتُهُمْ إِیَّاهَا"، فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَینَنَا وَبَیْنَ الْبَیْتِ، فَنَطُوفَ بِهِ"، فَقَالَ سُهَیْلٌ: لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضغْطَةً، وَلَکِنْ لَکَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَکَتَبَ، فَقَالَ سُهَیْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا یَأْتِیکَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ کَانَ عَلَى دِینِکَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَیْنَا، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللهِ کَیْفَ یُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِکِینَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَیْنَا هُمْ کَذَلِکَ إِذ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَیْلِ بْنِ عَمْرٍو یَرْسُفُ فِی قُیُودِهِ، وَقَدْ خرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَکَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَیْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِینَ، فَقَالَ سُهَیْلٌ: هَذَا یَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ منْ أُقَاضِیکَ عَلَیْهِ أَنْ تَرُدَّهُ،

 

فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "فَأَجِزْهُ لِی"، فَقَالَ: مَا أَنَا بِمُجِیزِهِ لَکَ، فَقَالَ: "بَلَى، فَافْعَلْ"، قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِکْرَزٌ: بَلَى قَدْ أَجَزْنَاهُ لَکَ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: أَیْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِینَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِکِینَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا؟ أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِیتُ، وَکَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِیدًا فِی اللهِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاللهِ مَا شَکَکْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَّا یَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَأَتَیْتُ النَّبِیَّ - صلى الله علیه وسلم -، فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِیَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: "بَلَى"، قَالَ: قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ؟ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: "بَلَى"، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِی الدَّنِیَّةَ فِی دِینِنَا؟ فَقَالَ: "إِنِّی رَسُولُ اللهِ وَلَسْتُ أَعْصِیهِ، وَهُوَ نَاصِرِی"، قُلْتُ: أَوَلَسْتَ کُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِی الْبَیْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: "بَلَى، فَأَخبَرْتُکَ أَنَّکَ تَأْتِیهِ الْعَامَ" قُلْتُ: لَا، قَالَ: "فَإِنَّکَ آتِیهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ"، قَالَ: فَأَتَیْتُ أَبَا بَکْرٍ: فَقُلْتُ: یَا أَبَا بَکْرٍ، أَلَیْسَ هَذَا نَبِیَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِی الدَّنِیةَ فِی دِینِنَا إِذَنْ؟ قَالَ: أَیهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَلَیْسَ یَعْصِی رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِکْ بِغَرْرهِ حَتَّى تَمُوتَ، فَوَاللهِ إِنَّا لَعَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَوَلَیْسَ کَانَ یُحَدِّثُنَا أَنا سَنَأْتِی الْبَیْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرَکَ أَنَّهُ سَیَأْتِیهِ الْعَامَ، قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّکَ آتِیهِ، وَمُطَّوِّفٌ بِهِ

قَالَ الزُّهْرِیُّ: قَالَ عُمَرُ: فَعَمِلْتُ لِذَلِکَ أَعْمَالًا. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِیَّةِ الْکِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله علیه وسلم - لِأَصحَابِهِ: "قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا"، قَالَ: فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، حَتَّى قَالَ ذَلِکَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: فَلَمَّا لَمْ یَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَکَرَ لَهَا مَا لَقِیَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: یَا نَبِیَّ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِکَ؟ اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُکَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ کَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَکَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَکَ فَیَحْلِقَکَ، فَقَامَ، فَخَرَجَ، فَلَمْ یُکَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْا حَتَّى فَعَلَ ذَلِکَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِکَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ یَحْلِقُ بَعْضًا، حَتَّى کَادَ یَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا غَمًّا، ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {یَاأَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذَا جَاءَکُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْکَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فَطَلَّقَ عُمَرُ یَوْمَئِذٍ امْرَأَتَیْنِ کَانَتَا لَهُ فِی الشِّرْکِ، فَتَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا مُعَاوِیَةُ بْنُ أَبِی سُفْیَانَ، وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَیَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم - إلَى الْمَدِینَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِیرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَیْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِی طَلَبِهِ رَجُلَیْنِ، فَقَالُوا: الْعَهْدَ الَّذِی جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَیْنِ، فَخَرَجَا حَتَّى إِذَا بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَیْفَةِ، فَنَزَلُوا یَأْکُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَیْنِ: وَاللهِ إِنِّی لأَرَى سَیْفَکَ هَذَأ یَا فُلَانُ جَیِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ وَاللهِ إِنَّهُ لَجَیِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِیرٍ: أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْهِ فَأَمْکَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِینَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ یَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله علیه وسلم - حِینَ رَآهُ: "لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا"، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِیِّ - صلى الله علیه وسلم - قَالَ: قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِی، وَإِنِّی لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِیرٍ، فَقَالَ: یَا نَبِیَّ اللهِ، قَدْ وَاللهِ أَوْفَى اللهُ ذِمَّتَکَ، قَدْ رَدَدْتَنِی إِلَیْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِی اللهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم -: "وَیْلَ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ کَانَ لَهُ أَحَدٌ"، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِکَ عَرَفَ أَنَّهُ سَیَرُدُّهُ إِلَیْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سَیْفَ الْبَحْرِ، قَالَ: وَیَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَیْلٍ فَلَحِقَ بِأَبِی بَصیرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، قَالَ: فَوَاللهِ مَا یَسْمَعُونَ بِعِیرٍ خَرَجَتْ لِقُرَیْشٍ إِلَى الشَّامِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَیْشٌ إِلَى النَّبِیِّ - صلى الله علیه وسلم - تُنَاشِدُهُ اللهَ وَالرَّحِمَ إِلَّا أَرْسَلَ إِلَیْهِمْ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ فَأَرْسَلَ النَّبِیُّ - صلى الله علیه وسلم - إِلَیْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ {وَهُوَ الَّذِی کَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ عَنْهُمْ} حَتَّى إِذَا بَلَغَ {حَمِیَّةَ الْجَاهِلِیَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وَکَانَتْ حَمِیَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ یُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِیُّ اللهِ، وَلَمْ یُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ، وَحَالُوا بیْنَهُ وَبَیْنَ الْبَیْتِ.»

بررسی دیدگاه ها در مورد رد یا قبول روایات ابو الخطاب...
ما را در سایت بررسی دیدگاه ها در مورد رد یا قبول روایات ابو الخطاب دنبال می کنید

برچسب : نویسنده : 9alasar2 بازدید : 38 تاريخ : سه شنبه 25 مهر 1402 ساعت: 13:59